الأحد، 16 أغسطس 2015

لقد كانت المدرسة مكانا غبيا.. (1)

في العالم توجد مدارس لتعليم كل شيء عن كل شيء، لكن المدرسة عندنا لم تعلمنا الحب ولا الإيمان ولا الصلاة في أبعادها التأملية العميقة ولا التعامل مع الناس ولا ممارسة العمل ولا التعامل مع المال.. ولا أي أمر نافع حقيقة في الحياة..
لا شيء سوى بلادة أساتذة نختصم معهم حول الأعداد والملاحظات وعدم فهم الغرض من الدروس..
ولا شيء سوى تملق بعض الطلبة للأساتذة لتحصيل علامة أعلى أو توصية لتدريب لا يشبه التدريب في شيء أو تدبير نصف عمل بالواسطة في أفضل الحالات..
كان الكل خائفا من الكل.
أذكر أن الأساتذة كانوا يخشون وقاحة بعضنا أو علاقات والديه أو حتى مجرد إحراجه لهم!
لقد كانت المدرسة مكانا غبيا..
أكره إلى هذه اللحظة مديرا ضربني على وجهي لأني كنت أجري في ساحة المدرسة.. وكان أبي صديقا له، فكلما سببته أمام والدي غضب، فأكرهه مع المدير..
كرهت جل معلمي وأساتذتي وسخرت من أغلبهم ولم تجمعني علاقة طيبة سوى بالقليل القليل منهم، حتى أني هددت أحدهم بعد أن طردني من الفصل بلقاءه في الحافلة.. فاشترى سيارة بعد أسبوع..
في قرارة نفسي لم أكن أحترمهم، لأن أغلبهم متشابهون يجمعون المال ولا يفيدونني بشيء سوى مزيد تكرار العادات البالية البليدة كل صباح..
إحداهن أشبعتني ضربا بمسطرتين رقيقتين ذات صباح شتوي فقط لأني نسيت ميدعتي عند خروجي مسرعا من البيت، فارتديت معطفي الصغير فوق صداري الصوفي على عجل، بسبب البرد أصلا ربما. فكان أن زادت ألمي ألما وأمام الجميع.. بكل قسوة. أقسم أني أتمنى كل لحظة رد تلك الضربات لها وهي عجوز اليوم..
إحداهن ربما ماتت الآن، كانت تتوعدني بكسر شوكتي، وأنا في التاسعة من عمري!
تصور! لي شوكة بهذا الخطر حتى تكسرها المعلمة!
مشاهد كثيرة يعزيني فيها ردة فعلي الساخرة والمنتقمة أحيانا كثيرة..
على فكرة، كنت أحصل أحسن الأعداد لأن أمي تجبرني على الحفظ، أما أنا فلم أكن أهتم ومازلت لا أهتم.. حتى أني لما اختلفت مع أمي حول تدخلها في دراستي، عندما بلغت الجامعة فأقسمت أن تتركني وشأني، رسبت مرتين..
وها أنا ذا، مازلت أكره المدرسة التي كانت كل عالمي، والتي بكيت يوم تركتها بعد التخرج لأني لم أعلم أين أذهب بعدها.. وأكتشف صعوبة الحياة خارجها وألعن كل لحظة مرت علي دون أن أفهم غرض وجودي وأحدد أهدافا دقيقة في الحياة سوى اجتياز الامتحانات بنجاح، وأقرر كيف أريد أن أعيش.. وأندم على كل يوم صدقت فيه أني سأتخرج متعلما قادرا على النفع وامتهان عمل يحقق ذاتي ويفيد مجتمعي.. فإذا أنا مجرد ملاحق لسراب المال باحث عن الاستقرار المادي والأمان في واقع يشبه كل شيء إلا المدرسة، وحيث كل الناس أسوأ حتى من تلك المعلمة الشمطاء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق